قال الفراء: وقد قال بعض النحويين: معناه: عليكم كتاب الله، واحتج بقول الشاعر:
يا أيها المائح دلوى دونكا (١)
فالدلو عِنْده في موضع نصب، كما يقال: دونك زيدًا، وهذا لا يصح عند النحويين، لأن الإغراء لا يجوز فيه تقديم المنصوب على حرف الإغراء، لا تقول العرب: زيدًا عليك، أو زيدًا دونك. إنما تقول: عليك زيدًا، ودونك زيدًا (٢).
قال الزجاج (٣): لأن قولك: عليك زيدًا ليس له ناصب في اللفظ متصرف، فيجوز تقديم نصبه (٤)، وقول الشاعر:
.......... دلوى دونكما (٥)
الدلو في موضع رفع، على معنى: هذه دلوي دونك، كقولك: زيدٌ فاضربوه، وإن نصبت الدلوَ أضمرت في الكلام شيئًا، كأنك تقول: خذ دلوي، أو دونك دلوي دونك (٦). وعلى هذا يجوز أن تقول: زيدًا عليك،

(١) حذف المؤلف عجز البيت، وهو عند الفراء:
إني رأيت الناس يحمدونكا
"معاني القرآن" ١/ ٦٠، ونسب في الحاشية إلى شاعر جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم، وقد ورد البيت في "الأمالي للقالي" ٢/ ٢٤٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٢٢ (ماح)، "الإنصاف" للأنباري ص ١٨٧. والمائح: هو الذي ينزل في البئر إذا قلّ الماء فيملأ الدلو.
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٢٦٠.
(٣) في "معاني القرآن" ٢/ ٣٦.
(٤) في "معاني الزجاج": منصوبه، ولعله هو الصواب.
(٥) تقدم البيت قريبًا.
(٦) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦، ٣٧.


الصفحة التالية
Icon