وقوله تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ قال ابن عباس وغيره: يريد عفائف (١).
وهو الحال من قوله: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ (٢). وظاهر هذا يوجب أن نكاح الزواني من الإماء حرام.
واختلف الناس في نكاح الزواني من الحرائر، وسنذكر ذلك عند قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾ [النور: ٣] والأكثرون على أنه يجوز نكاح الزانية، وأن قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾ [النور: ٣]، منسوخ بقوله. ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] (٣). والذي في هذه الآية محمول على الندب والاستحباب.
وقوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُسَافِحَات﴾ أي: غير زواني (٤).
﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ جمع خِدْن، والخِدنْ والخَدِين الذي يُخادنك يكون معك في كل أمر ظاهر وباطن، وخِدْن الجارية مُخَدَّنها (٥).
قال قتادة والضحاك وأهل التفسير: المُسافِحة التي تؤاجر نفسها مُعلِنَةً بالزنا. يزنين بمن لقيهن من غير ميعاد، ويَسفحن (٦) مياههن. والتي تتخذ الخِدْن هي التي تزني سرًّا (٧).

(١) من أثر في "تفسير ابن عباس" ص ١٤٣، وأخرجه الطبري ٥/ ٢٠.
(٢) أي: من الهاء والنون هن. انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٩٥.
(٣) ممن قال بالنسخ سعيد بن المسيب من التابعين. انظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١٠٠.
(٤) انظر: الطبري ٥/ ١٩، "الكشف والبيان" ٤/ ٤٠ أ.
(٥) "العين" ٤/ ٢٣٢، "تهذيب اللغة" ١/ ٩٩٦ (خدن)، وآخر كلمة جاءت فيهما: مُحدثها، ولعله هو الصواب.
(٦) في (د): (يسفح).
(٧) هذا نحو قول قتادة والضحاك، وقد أخرج الأثرين عنهما الطبري ٥/ ٢٠، وانظر: ابن كثير: ١/ ٥١٨ - ٩٩.


الصفحة التالية
Icon