وهذا قول عطاء (١)، والحسن (٢)، والكلبي (٣)، والزجاج (٤)، والأكثرين (٥)
وإنما قال: (أنفسكم) لأنهم أهل دين واحد، فهم كالنفس الواحدة، فجرى على قول العرب: قتلنا وربّ الكعبة. إذا قتل بعضهم؛ لأن قتل بعضهم كالقتل لهم (٦).
وذهب قوم إلى أن هذا نهي للإنسان عن قتل نفسه، فقال أبو عبيدة: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لا تهلكوها (٧).
ويؤيد هذا حديث عمرو بن العاص (٨)، وهو أنه احتلم في بعض أسفاره، وخاف الهلاك على نفسه من الاغتسال، فتيمم وصلى بأصحابه، فلما رجع ذكر ذلك للنبي - ﷺ - فقال: أشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فتيممت وصليت، فضحك رسول الله - ﷺ -، ولم يقل شيئًا (٩).

(١) هو عطاء بن أبي رباح وقد أخرج الأثر عنه الطبري ٥/ ٣٥.
(٢) من "الكشف والبيان" ٤/ ٤٢ ب، وانظر "زاد المسير" ٢/ ٦١، "تفسير الحسن" ١/ ٢٧٢.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٨٣
(٤) في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤.
(٥) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١١٩، والطبري ٥/ ٣٥، و"بحر العلوم" ١/ ٢٤٩، والثعلبي ٤/ ٤٢ ب، و"زاد المسير" ٢/ ٦١.
(٦) انظر: "الطبري" ٥/ ٣٥، "بحر العلوم" ١/ ٣٤٩.
(٧) "مجاز القرآن" ١/ ١٢٤، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٦١.
(٨) هو أبو عبد الله عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، تقدمت ترجمتة
(٩) أخرجه الإمام أحمد ٤/ ٢٠٣، والبخاري تعليقًا بصيغة التمريض ١/ ٤٥٤ كتاب التيمم، باب: ٧ إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت..... ، وأبو داود =


الصفحة التالية
Icon