وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا﴾
معنى القرين في اللغة هو الذي يقارنك ويُصاحبك (١)، من قولهم: قرنت الشيء بغيره إذا شددته إليه (٢).
وقيل: إنما اتصل الكلام ههنا بذكر الشيطان تقريعًا لهم على طاعة الشيطان. وعلى هذا دل كلام أبي إسحاق؛ لأنه قال: أي من يكن عمله بما يُسول له الشيطان فبئس العمل عمله (٣).
وقال الكلبي: هذا في الآخرة، يجعل الله الشياطين قرنائهم في النار، يقرن مع كل كافر شيطان في سلاسل النار (٤). يقول الله: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا﴾ صاحبا ﴿فَسَاءَ قَرِينًا﴾ يقول: بئس الصاحب الشيطان.
وقوله تعالى: ﴿فَسَاءَ قَرِينًا﴾ قد ذكرنا معنى ساء في هذه السورة. وانتصب (قرينًا) ههنا على التمييز والتفسير (٥)؛ لأن (ساء) معناه (بئس)، و (بئس) تنصب النكرة، كقولك: بئس رجلًا زيد، لأنك إذا قلت: بئس، جاز أن تذكر رجلًا أو حمارًا، فإذا ذكرت نوعًا ميزته من سائر الأنواع (٦)،
(٢) انظر: "معجم مقاييس اللغة" ٥/ ٧٦، "أساس البلاغة" ٢/ ٢٤٨، "زاد المسير" ٢/ ٨٣، "اللسان" ٦/ ٣٦١١ (قرن).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٥١.
(٤) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٥٤، "زاد المسير" ٢/ ٨٣، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٨٥.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٦٧، "معاني الزجاج" ٢/ ٥٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤١٧، "الكشف والبيان" (٤/ ٥٥ أ).
(٦) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٦٧.