وقال مقاتل: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ يعني أكنان القصور لا فرجة فيها (١).
وهذا غير الأول لأنه خص الظل بأكنان القصور.
والظليل ليس بمبني على الفعل حتى يقال. إنه بمعنى فاعل أو مفعول، بل هو مبالغة في نعت الظل، ولم يسمع من الظل تصرف، وهذا كما يقال: رجل رجيل.
٥٨ - وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ الآية.
أجمعوا على أنها نازلة في شأن مفتاح الكعبة (٢) (.. (٣)..) وذلك أن رسول الله - ﷺ - لما فتح مكة طلب المفتاح، فقيل له: إنه مع عثمان بن طلحة الحجبي (٤)، وكان من بني عبد الدار، وكان يلي سدانة الكعبة. فوجه إليه عليًا، فأبى دفعه إليه، وقال: لو علمت أنه رسول الله - ﷺ - لم أمنعه المفتاح. فلوى عليّ يده، وأخذ منه قسرًا، حتى دخل رسول الله - ﷺ - البيت وصلى فيه، فلما خرج قال له العباس: بأبي أنت اجمع لي السّدانة مع السقاية. وسأله أن يعطيه المفتاح. فأنزل الله تعالى هذه الآية، فأمر رسول الله عليًا أن يرده إليه، فرده إليه علي، وألطف له في القول، فقال: أخذته مني قهرًا. ورددته علي باللطف. فقال: لأن الله أمرنا برده عليك، وقرأ عليه الآية، فأتى النبي - ﷺ - وأسلم (٥).

(١) "تفسيره" ١/ ٣٨١، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٦٢.
(٢) انظر: ابن كثير ١/ ٥٦٥.
(٣) هنا كلمة غير واضحة.
(٤) هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة (عبد الله) العبدري، الحجبي (حاجب البيت) أسلم يوم الحديبية على الصحيح، وشهد الفتح مع النبي - ﷺ -، وقد سكن المدينة إلى أن مات بها رضي الله عنه سنة ٤٢ هـ انظر: "أسد الغابة" ٣/ ٥٧٨، "الإصابة" ٢/ ٤٦٠.
(٥) أخرجه الطبري بمعناه ٥/ ١٤٥، وابن المنذر، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣١٢، كلاهما من طريق ابن جريج، وذكره المؤلف فى "الوسيط" ٢/ ٥٩٣، "أسباب =


الصفحة التالية
Icon