وقال الأخفش: الضم في هذه الحروف لغة حسنة، [وهي] (١) أكثر في الكلام وأقيس، لأن ما أجروه في كلامهم من المنفصل مجرى المتصل أكثر من أن يُقتص (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَا فَعَلُوهُ﴾ الكناية تعود إلى القتل والخروج كلاهما وذلك أن الفعل جنس واحد وإن اختلف ضروبه (٣).
واختلف القراء في قوله: ﴿إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ فمن ضم وهو الوجه جعله بدلًا من الواو في ﴿فَعَلُوُه﴾، وكذلك كل مستثنى من مجحود، كقولك: ما أتاني (٤) أحد إلا زيد، ترفع زيدًا على البدل من أحد، فتحمل إعراب ما بعد إلا على ما قبلها. وكذلك في النصب والجر، كقولك: ما رأيت أحدًا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا زيد.
قال أبو علي: الرفع هو الأكثر والأشيع في الاستعمال والأقيس، فقدته من جهة القياس أن معنى: ما أتاني أحد إلا زيد واحد (٥)، فكما اتفق (٦) على: ما أتاني إلا زيد، على الرفع، وكان: ما أتاني أحد إلا زيد، بمنزلته وبمعناه، اختاروا الرفع مع ذكر أحد.
وأما من نصب فقال: ما جاءني أحد إلا زيدًا، فإنه جعل النفي بمنزلة

(١) بياض في (ش)، والتسديد من "الحجة" ٣/ ١٦٧.
(٢) من "الحجة" ٣/ ١٦٧، ١٦٨، وكلام الأخفش ليس في كتابه "معاني القرآن".
(٣) من "الكشف والبيان" ٤/ ٨٤ ب بتصرف، وانظر: "التفسير الكبير" ١٠/ ١٦٧. وقد استبعد أبو حيان والسمين كون الضمير راجعًا إلى الأمرين، وإنما لأحدهما انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٢٨٥، "الدرالمصون" ٤/ ٢٢.
(٤) انظر: "الحجة" ٣/ ١٦٨.
(٥) يبدو أن في الكلام حذفًا أو سقطًا، ففي "الحجة" ٣/ ١٦٨: "فقوته من جهة القياس أن معنى: ما أتاني أحد إلا زيد، وما أتاني إلا زيد، واحد".
(٦) في "الحجة" ٣/ ١٦٨: "اتفقوا" وهو الأنسب بالسياق.


الصفحة التالية
Icon