وقيل: دخلت أو للإباحة، على معنى: أنك إن قلت: يخشون الناس كخشية الله، فأنت مُصيب، وإن قلت: يخشونهم أشدَّ من خشية الله، فأنت مصيب (١)؛ لأنه حصل لهم مثل تلك الخشية وزيادة (٢).
وقال أهل العلم: في هذه الآية دلالة على أنَّ العبد إذا خاف غير الله استحق مذمة الله تعالى، ألا ترى أن هذا خرج مخرج المذمة لهؤلاء.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾. إنما قالوا هذا جزعًا من الموت وحصرًا على الحياة، لا إنكارًا على الله سبحانه (٣) ﴿لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ﴾.
قال ابن عباس: يريد: أفلا أخرتنا إلى الموت. أي هلَّا تركتنا حتى نموت بآجالنا وعافيتنا من القتل. قاله السدي (٤).
ثم أعلم الله عز وجل أنَّ متاع الدنيا قليل، فقال: ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد (٥) ﴿مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ قال الكلبي: أجل الدنيا قريب (٦).

(١) انظر: "المحرر الوجيز" ٤/ ١٣٦.
(٢) خلاصة ما قيل -على ما ذكر المؤلف- في: (أو) هنا: أنها إما للإبهام أو للتخيير وهناك قول ثالث لم يذكره المؤلف -وهو للجمهور- أنها بمعنى (الواو) فتكون عاطفة. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٦، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٧ ب، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٠٣، "الكشاف" ١/ ٢٨٢، "المحرر الوجيز" ٤/ ١٣٦، "زاد المسير" ٢/ ١٣٥.
(٣) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٠١، "التفسير الكبير" ١٠/ ١٨٦.
(٤) روى معناه عن السدي مقطوعًا الطبري ٥/ ١٧٠، وابن أبي حاتم. انظر: "زاد المسير" ٢/ ١٣٦، "تنوير المقباس" ص٩٠، "الدر المنثور" ٢/ ٣٢٩.
(٥) انظر: الطبري ٥/ ١٧١، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٨ أ.
(٦) في "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠، بلفظ: "منفعة الدنيا". انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ٨٨ أ.


الصفحة التالية
Icon