شؤمًا من هذا، نقصت أثمارنا وغلت أسعارنا منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه. فقوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ يعني الخصب ورخص السعر وتتابع الأمطار، قالوا: هذا من عند الله، ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾: جدب وغلاء الأسعار، قالوا: هذا من شؤم محمد.
وهذا كقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١]. هذا قول الكلبي (١) وأكثر المفسرين (٢)، واختيار الفراء (٣) والزجاج (٤).
وقال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ من النصر والغنيمة يقولوا هذه من عند الله ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ من القتل والهزيمة (٥).
وهذا قول الحسن (٦) وابن زيد (٧).
وعلى هذا المعنى فقوله: ﴿يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ قال ابن زيد: بسوء تدبيرك (٨).
وقال ابن الأنباري: إذا أصابهم الخصب ونالوا ما يحبون من الغنائم والأموال قالوا: هذا من عند الله، لم نزل نعرفه، لا شيء لمحمد فيهن،

(١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٠.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ١٧٤، "تفسير الهواري" ١/ ٤٠١، "بحر العلوم" ١/ ٣٧٠، "الكشف والبيان" ٤/ ٨٨ ب، "النكت والعيون" ١/ ٥٠٦ - ٥٠٧ "زاد المسير" ٢/ ١٣٧.
(٣) في "معاني القرآن" ١/ ٢٧٨.
(٤) في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٩.
(٥) انظر: "زاد المسير" ٢/ ١٣٨.
(٦) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٠١، "النكت والعيون" ١/ ٥٠٦ - ٥٠٨.
(٧) أخرجه الطبري ٥/ ١٧٤ - ١٧٥، وانظر: "النكت والعيون" ١/ ٥٠٦ - ٥٠٨؛ "زاد المسير" ٢/ ١٣٨، "الدر المنثور"٢/ ٣٣٠.
(٨) المرجع السابق.


الصفحة التالية
Icon