وقال الكلبي: ما أصابك من خير فالله هداك له وأعانك عليه، وما أصابك من أمر تكرهه فبذنبك، عقوبة للذنب (١).
وقال قتادة: ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ عقوبة لذنبك يا ابن آدم (٢). وكذلك قال الحسن (٣) والسدي وابن جريج (٤) والضحاك في تفسير قوله: ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ فبذنبك. ويدل على صحة هذا التفسير قوله تعالى ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] وقوله: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ [الحج: ١٠]، وقوله: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٥]، وقوله: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الروم: ٤١].
وقال أبو بكر بن الأنباري: ما أصابك من خصب فمن تفضل الله، وما أصابكم من جدب وغم فمن أجل ذنوبكم، فخوطب النبي - ﷺ - والمعني الأمة.
وهذا القول هو اختيارنا لموافقته الآثار واللغة، ودلالة الآية الأولى على صحته، ولأن الحسنة معلوم أنها تكون بمعنى الخصب، والسيئة بمعنى الجدب، قال الله تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨] أراد: واختبرناهم بالخصب والجدب. ونحو هذا قال ابن قتيبة (٥).

(١) لم أقف عليه، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٧٠.
(٢) أخرجه الطبري ٥/ ١٧٥ - ١٧٦، وعبد بن حميد، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٠ - ٣٣١.
(٣) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٠٢، "النكت والعيون" ١/ ٥٠٧ - ٥٠٩، "زاد المسير" ٢/ ١٣٩.
(٤) أخرجه عن السدي وابن جريج: الطبري ٥/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٥) في "تفسير غريب القرآن" ص ١٢٧.


الصفحة التالية
Icon