وهذا الذي قاله أبو بكر معنى صحيح عليه كثير من المفسرين (١)، وأذكر من أقوالهم ما وافق هذا المعنى.
قال ابن عباس: هذا في الأخبار، إذا غزت السرية من المسلمين أخبروا الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا، فأفشوه بينهم (٢).
وقال (السدي) (٣): نزل هذا في أصحاب الأخبار والأراجيف كانوا إذا سمعوا من النبي خبرًا أفشوه حتى يبلغ العدو فيأخذ حذره، وكذلك كانوا يصنعون إذا كانوا غزاةً في السرايا (٤).
وقال الكلبي: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ﴾ يعني المناِفقين ﴿أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ﴾ حديث فيه أمن ﴿أَوِ الْخَوْفِ﴾ يعني الهزيمة ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ أفشوه، ولو سكتوا عنه حتى يكون الرسول هو الذي يُفشيه، أو أولو الأمر مثل أبي بكر وعمر وعلي، ويقال أمراء السرايا ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ يتبعونه، ويقال: يطلبون علم ذلك (٥).
قال: وكان رسول الله - ﷺ - إذا بعث سرية فغلبت أو غُلبت تحدثوا بذلك وأفشوه، ولم يقفوا في ذلك حتى يكون رسول الله يخبرهم، فأنزل
(٢) أخرجه بمعناه من طريق العوفي ومن طريق ابن جريج الطبري ٥/ ١٨٢ - ١٨٣، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ١٤٥، "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٣) الكلمة بين القوسين غير واضحة تمامًا في المخطوط، وما أثبته محتمل.
(٤) أخرجه بمعناه الطبري ٥/ ١٨٢ - ١٨٣، وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٥) بنحوه في "بحر العلوم" ١/ ٣٧١، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩١.