وفي أولي الأمر قولان ذكرتهما (١) في حكايته قول الكلبي، أحدهما اختيار الزجاج؛ لأنه قال: إلى ذوي العلم والرأي منهم (٢).
والثاني اختيار الفراء؛ لأنه قال: لو ردوه إلى أمراء السرايا (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنْهُمْ﴾ يعني من هؤلاء المرجفين. وجعل أمراء السرايا وذوي العلم منهم من حيث الظاهر. وقد مضى مثل هذا في آيتين، وذكرنا الكلام هناك، إحدى الآيتين قوله: ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ﴾ [النساء: ٧٢] والثانية قوله معنى (٤) ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦].
وقوله تعالى: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾.
معنى الاستنباط في اللغة الاستخراج، يقال: استنبط الفقيه، إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه. وأصله من النبط وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما يُحفر. يقال من ذلك: أنبط في غضراء (٥) أي استنبط الماء في طين حر.
قال: والنبط (٦) إنما سموا نبطًا لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين. هذا كلام الزجاج (٧).

(١) كأن هذِه الكلمة في المخطوط: "ذكرهما".
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٣.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٧٩.
(٤) لعل الصواب: "تعالى".
(٥) الغضراء: "طينة خضراء علكة" "الصحاح" ٢/ ٧٧٠ (غضر).
(٦) "النبط والنبيط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين، والجمع أنباط". "الصحاح" ٣/ ١١٦٢ (نبط).
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٣، وانظر: الطبري ٥/ ١٨٢ - ١٨٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٨، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٩٧، و"الصحاح" ٣/ ١١٦٢ (نبط) و"زاد المسير" ٢/ ١٤٧، و"اللسان" ٧/ ٤٣٢٥ (نبط).


الصفحة التالية
Icon