وقوله تعالى: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ الاستنباط على هذا القول هو استخراج ما خفي من العلم، كما ذكره ابن عباس (١).
وقال قتادة في قوله: ﴿يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ "أي يفصحون (٢) عنه ويهمهم ذلك" (٣).
وقوله: ﴿مِنْهُمْ﴾ على هذا القول للتبعيض، وليس صلة للاستنباط خاصٍ لبعضهم.
واستثناء قوله: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ من قوله: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ صحيح سائغ حسن، ولا يرد عليه ما ورد من الاعتراض في القول الأول، ويكون أحسن من الاستثناء من ﴿أَذَاعُوا﴾ على هذا القول (٤).
والذي ذهب إليه الحسن وقتادة من استثناء القليل من قوله: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ (٥) إنما قالا ذلك لأنهما ذهبا إلى هذا القول الثاني.
وهذا التفسير يدل على وجوب القول بالاجتهاد عند عدم النص؛ لأن
(٢) هكذا في المخطوط الصاد قبل الحاء، وقد أثبتها محمود شاكر عند الطبري: "يفحصون" بتقديم الحاء على الصاد، واعتبر ما في المخطوط تصحيفًا، وهذا وجيه. وهكذا في "الدر المنثور". انظر: الطبري ٥/ ١٨٠، و"الدر المنثور" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٣) أخرجه الطبري ٥/ ١٨٠، وعبد بن حميد وابن المنذر. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٨٤، و"معاني القرآن" للنحاس ٢/ ١٤٢.
(٥) قول الحسن ذكره الهواري في "تفسيره" ١/ ٤٠٤.
أما قول قتادة فأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١٦٦، والطبري ٥/ ١٨٠، وابن المنذر وابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤، ونسبه لهما ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ١٤٨.