فَاتَكُمْ}، [لأن] (١) في (٢) عَفوِهِ -جلَّ وعَزَّ-، ما يُذْهِبُ كُلَّ غَمٍّ وَحُزْنٍ (٣). وقال آخرون: إنها مُتَّصِلَةٌ بقوله: ﴿فَأَثَابَكُمْ﴾.
ثُمْ اختلفوا:
فَقَالَ [أبو إسحاق] (٤): المعنى: أثابكم غَمَّ الهزيمة، بِغَمِّكُمْ النبيَ - ﷺ - بِمُخَالَفتِهِ (٥)، ليكون غَمُّكُمْ، بأن خالفتموه فقط، لا على ما فاتكم مِنْ غَنِيمة، ولا ما أصابكم من هزيمة وجِرَاحٍ؛ وذلك أنَّ غَمَّ مُخَالَفَةِ الرَّسُولِ، يُنْسيهم غَمَّ فَوْتِ الغَنِيمَةِ.
وقال غيره: كان أصحاب رسول الله - ﷺ -، يَتَأَسَّفُونَ على ما فاتهم مِنْ غَنائم المشركين، وعلى ما حَلَّ بهم مِنَ القَتْلِ والجراح، فأنزلَ اللهُ بقلوبهم غَمَّ قَتْلِ الرسول - ﷺ -، ثمّ أزال ذلك الغم عنهم؛ لِيَفرحوا ببقائه، ولا يحزنوا مع بقائه على شَيءٍ (٦) فَاتَهُمْ (٧).
وقولُ أبي إسحاق ألْيَقُ بَظَاهِرِ الآية؛ لأنه ليس في الآية ذِكْرُ إزَالَةِ غَمِّ

(١) ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، وساقط من (ب)، والمثبت من (ج).
(٢) في (ب): (من).
(٣) وقد استحسن هذا الوجه: القرطبي، واستبعده أبو حيان، والسمين الحلبي؛ وذلك لطول الفصل، ولأنه -في الظاهر- يتعلق بمجاوره، وهو: ﴿فَأَثَابَكُمْ﴾. انظر: "تفسير القرطبي" ٤/ ٢٤١، و"البحر المحيط" ٣/ ٨٥، و"الدر المصون" ٣/ ٤٤٣.
(٤) ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، والمثبت من (ب)، (ج). وقول أبي إسحاق في "معاني القرآن" له ١/ ٤٧٩. نقله عنه بمعناه.
(٥) في (ج): (مخالفة).
(٦) في (ج): (ما) بدلا من (شيء).
(٧) لم أقف على من قال هذا القول بتمامه، إلا أن بعضه، وهو: أن الغم الأول: ما أصابهم من قتل وجراح، والغم الثاني: سماعهم قتل النبي - ﷺ -. قد سبق وروده عند تفسير قوله تعالى: ﴿غَمًّا بِغَمٍّ﴾ آية: ١٥٣.


الصفحة التالية
Icon