وأمَانًا). والنعاس: بَدَلٌ مِنَ (الأمَنَة) (١).
وقوله تعالى: ﴿يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ﴾ قُرِئ بالياء والتَّاءِ (٢). فَمَن قرأ بالياء؛ فلأن النُّعَاسَ هو الغاشي، والعرب تقول: (غَشِيَنِي النُّعاسُ)، وقلّما تقول: (غَشِيَني الأمْنُ).
و-أيضًا- فإنَّ النعاسَ مذكورٌ بالغِشْيَانِ في قوله: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ [الأنفال: ١١] ولأن النعاسَ يَلِي الفِعْلَ، وهو أقرب في اللفظ إلى ذِكْرِ الغِشْيانِ مِنَ الأمَنَة. فالتذكير أولى.
ومن قرأ بالتَّاءِ: جعل الأمَنَةَ هي الغاشِيَةَ.
والأَمَنَةُ والنُّعاسُ، أحدهما بَدَلٌ عن الثاني، فيجوز وَيحْسُن رَدُّ الكِنَايَةِ (٣) إلى أيِّهما شئت؛ كقوله: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٥]، وَ ﴿وتَغْلِي﴾ (٤).
(١) وهو بدل اشتمال، ويكون بدلًا في حالة إعراب ﴿أَمَنَةً﴾ مفعولًا به لـ ﴿أَنزَلَ﴾. وقيل: هو عطف بيان، ويجوز أن يكون ﴿نُّعَاسًا﴾ مفعولًا، و ﴿أَمَنَةً﴾ حال منه. وقيل غير ذلك.
انظر: "معاني القرآن"، للزجاج ١/ ٤٧٨، و"البيان" للأنباري ١/ ٢٢٦، و"التبيان" للعكبري (٢١٥)، و"الدر المصون" ٣/ ٤٤٤، و"فتح القدير" ١/ ٥٨٩.
(٢) قرأ ابنُ كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر ﴿يَغْشَى﴾ -بالياء-. وقرأ حمزة، والكسائي ﴿وَتَغشَى﴾ بالتاء.
انظر: "القراءات" للأزهري ١/ ١٢٨، و"الحجة" ٨٨، و"الكشف" ١/ ٣٦٠.
(٣) الكناية: الضمير.
(٤) قرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم: ﴿يَغْلِي﴾. وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، ونافع، وحمزة، والكسائي، وعاصم -في رواية أبي بكر-: ﴿تَغْلِي﴾.=