ولو قيل: (إن الأمرَ أجْمَعَ)، لم يكن إلّا النَّصبُ، -كذلك- إذا (١) قال ﴿كُلَّهُ﴾ (٢).
وقرأ أبو عمروٍ بالرَّفْعِ (٣)، وذلك أنه لم يُجْرِهِ على ما قَبْلَهُ، ورَفَعَهُ على الابتداء، و ﴿لِلَّهِ﴾: الخَبَر.
قال الفَرّاءُ (٤): ومثله مِمَّا قُطِعَ مِمَّا (٥) قبلَهُ: قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ (٦) [الزمر: ٦٠]، ومِنْ هذا -أيضًا-: ما أجازه سيبويه مِن قولِهِم: (أينَ تَظُنُّ زيدٌ ذاهِبٌ).
وقوله تعالى: ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾ أي: مِنَ الشَّكِّ والنِّفَاقِ، وتكذيب الوَعْدِ بالاستعلاء على أهل الشرك.
وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾
رُوي (٧) عن الزُّبَيْر بن العَوَام -رضي الله عنه -، أنَّه قال (٨): أَرْسَلَ اللهُ علينا النَّوْمَ،

(١) (أ)، (ب): (إذ). والمثبت من: (ج)، و"الحجة".
(٢) فنصب ﴿كُلَّهُ﴾ إما على التوكيد، أو النعت، أو البدل.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٤٣، و"معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢١٨، و"الأصول في النحو" لابن السراج ٢/ ٢٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٧١، و"التبيان" للعكبري ص ٢١٦.
(٣) أي: ﴿كُلَّهُ﴾ انظر: المصادر السابقة.
(٤) في "معاني القرآن"، له ١/ ٢٤٣. نقله عنه بمعناه.
(٥) في (ج): (من).
(٦) قوله تعالى: ﴿وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾، جملة مكونة من: مبتدإ، وهو: ﴿وُجُوهُهُمْ﴾، وخبر، وهو: ﴿مُّسْوَدَّةٌ﴾. والجملة في محل نصب على الحال. ويجوز من الناحية النحوية أن تُنْصبَ ﴿وُجُوهُهُمْ﴾ على أنها بدل من ﴿الَّذِينَ﴾. انظر: "البيان" للأنباري ٢/ ٣٢٥
(٧) في (أ): (رَوَي). والمثبت من: (ب)، (ج).
(٨) أخرج قوله: الواقدي في "المغازي" ١/ ٣٢٣، والطبري في "تفسيره" ٤/ ١٤٣،=


الصفحة التالية
Icon