قال ابن عباس: "ومن دينِ إبراهيمَ: الصَّلاة إلى الكعبةِ، والطواف بها، والسَّعي، والرَّمي، والوقُوف، والحلق" (١). فمن أقرَّ بهذا مع الزيادة التي أتى بها نبينا صلوات الله عليه فقد اتبع دينَ إبراهيم.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ قال أبو بكر بن الأنباري: الخليلُ معناه في اللغة المُحب الكامل المحبَّةِ، والمحبوب الموفي حقيقة المحبة، اللذان ليس في حبِّهما نقصٌ ولا خللٌ، فتأويل قوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ واتخذ الله إبراهيم محبًا له خالص الحب ومحبوبًا له (٢)، وشرّفه بلزوم هذا الاسم له الذي لا يستحق مثله إلا أنبياؤه ومن يشرف الله ويرفع قدره.
قال (٣): وقال بعض أهل العلم: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ أي فقيرًا إليه لا يجعل فقره وفاقته إلى غيره، ولا ينزل حوائجه بسواه (٤).
فالخليلُ على هذا القولِ فعيلٌ من الخلّة بمعنى الفقر، قال [زهير] (٥):
وإنْ أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ | يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ (٦) |
(٢) من "الزاهر" لابن الأنباري ١/ ٤٩٣ - بتصرف-.
(٣) أي ابن الأنباري.
(٤) من "الزاهر" ١/ ٤٩٣، ٤٩٤ بتصرف، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢١٢.
(٥) ما بين المعقوفين في المخطوط: "ابن نمير" والتصويب من "الزاهر" ١/ ٤٩٣، والبيت لزهير بن أبي سلمى كما سيأتي تخريجه.
(٦) شعر زهير بن أبي سلمى ص ١٠٥، و"الزاهر" ١/ ٤٩٣، و"معاني الزجاج" ٢/ ١١٢.
(٧) "الزاهر" ١/ ٤٩٤.