وتحمدوه في آخره، فقال جبريل: حق لك أن تتخذ خليلًا (١).
وقال أهل المعاني: قوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ﴾ حث على اتباع ملته، لذلك ذكر عقيب قوله: ﴿وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾.
١٢٦ - قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ قال أصحاب المعاني: لما دعا الله الخلق إلى طاعته والانقياد لأمره، بيّن سعة قدرته وكثرة مملوكاته، ليُرغب إليه بالطاعة له (٢).
وقال بعضهم: لما قال: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ بيّن أن ذلك إنما هو لحسن الطاعة، لا لحاجةٍ إلى الطاعة والمخالة، ولكن لمجازاة المحسن بإحسانه، وبين أنه مع ذلك عبد له. وهذا معنى قول الزجاج (٣).
وإنما قال: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ولم يقل: (من)، لأنه ذهب به مذهب الجنس، والذي يعقل إذا ذكر، وأريد به الجنس ذكر بـ (ما)، كقول الشاعر:
وما جرم وما ذاك السَّويق (٤)
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾ أي عالمًا علم إحاطة، وهو العلم بالشيء من كل وجه حتى لا يشد عنه نوع من علمه.

(١) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٩١، والقرطبي ٥/ ٤٠١.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ٢٩٨، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٥٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١١٤.
(٤) عجز بيت لزياد بن الأعجم، وصدره:
تكلفني سويق الكرم جرم
والبيت من شواهد سيبويه في الكتاب ١/ ٣٠١ دون نسبة، ونسبه لزياد بن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص ٢٨١، كما استشهد به دون نسبة المبرد في "الكامل" ١/ ٣٢٣، والزجاجي في "الجمل في النحو" ص ١١٨. وجرم: قبيلة، والسويق: الخمر.


الصفحة التالية
Icon