واختيار أبي علي أن هذا يُعني به المنافقون، قال: فالإيمان الأول دخولهم في الإسلام، وحقنُهم الدماء والأموال به، وكفرهم بعد نفاقهم، وأنَّ باطنهم على غير ظاهرهم. (وإيمانهم بعد نفيهم نفاقهم) (١) بقوله: ﴿إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٢]، في قوله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ [البقرة: ١٤، ٧٦]، فهذا بعد الإظهار منهم للإيمان ثانية، يدخلون به في حكم الإسلام بعد الكفر، كما أن من جاء من المؤمنات مظهرات للإسلام داخلات في حكمه، لقوله: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] فعُلِمن مؤمنات بما أظهرنه من ذلك، فكذلك هؤلاء، يكونون مؤمنين بإظهارهم الإيمان، بعدما علم منهم النفاق، وكفرهم بعد هذا الإيمان الثاني، قولهم إذا خلوا إلى شياطينهم، أي أصحابهم: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤] (٢).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾ قال الكلبي وقتادة: بمحمد - ﷺ - والقرآن (٣).
وقال مجاهد والسدي والحسن: ماتوا على كفرهم (٤).
(٢) "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٣٤.
(٣) عن الكلبي انظر:"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٠، أما عن قتادة فأخرجه الطبري ٩/ ٣١٥.
(٤) أخرجه عن مجاهد: الطبري ٥/ ٣٢٧.
وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٣ أ، وذكره عن الحسن الهواري في "تفسير كتاب الله العزيز" ١/ ٤٣١. ولم أقف عليه عن السدي. وقد أخرج ابن أبي حاتم مثله عن ابن عباس. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٢٤، و"الدر المنثور" ٢/ ٤١٥.