اسم الكفر على الحقيقة (١).
وانتصب (حقًّا) على مثل قولك: زيد أخوك حقًّا، وهو تأكيد للخبر، لأنك إذا قلت: زيد أخوك، فقد أخبرت بأخوة زيد، فإذا قلت: حقًّا، أكدت ما أخبرته، فكأنك قلت: أخبرتك بأخوة زيدٍ إخبارًا حقًّا (٢).
ولا يجوز أن ينتصب على معنى: كفروا كفرًا حقًّا، لأن الكفر لا يكون حقًّا على وجه من الوجوه (٣).
١٥٢ - ثم نزل في المؤمنين قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ إلى آخر الآية.
١٥٣ - قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ قال المفسرون: إنَّ اليهود قالوا للنبي - ﷺ -: إن كنت صادقًا أنك نبي ائتنا بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى، فأنزل الله هذه الآية (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ يعني السبعين الذين ذكرنا قصتهم عند قوله: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾ يعني الذين خلفهم موسى مع هارون حين خرج لميقات ربه (٥).
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٦٦، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٨٥.
(٣) قال أبو حيان على هذا القول للمؤلف: "ولا يلزم ما قال أنه لا يراد بـ (حقا) الحق الذي هو مقابل الباطل، وإنما المعنى أنه كفر ثابت متيقن". "البحر المحيط" ٣/ ٣٨٥.
(٤) انظر: الطبري ٦/ ٧، و"بحر العلوم" ١/ ٤٠١٤، و"الكشف والبيان" ٢/ ١٣٨أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ص١٨٩، و"لباب النقول" ص٨٥.
(٥) انظر: الطبري ٦/ ٩.