الكلام وبطل الاحتمال للشيئين (١).
والتكليم في اللغة معناه: المخاطبة، وهو متعد يقتضي مفعولًا، والتكليم (٢) لا يقتضيه. ومعنى تكلم: نطق وأوجد الكلام، وقال أهل اللغة: أصل هذه اللفظة التأثير في الشيء، ألا ترى أنك إذا كلمت غيرك أسمعته كلامك يؤثر فيه ما قلته، ولهذا استعملوا هذه اللفظة في الجراحة قالوا: كلمته أكلمه، إذا جرحته وأثرت فيه (٣).
١٦٥ - قوله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ انتصب رسلًا على البدل من قوله: (ورُّسُلًا) (٤)، وإن شئت قلت: أوحينا إليهم رسلًا، فيكون منصوبًا على الحال والقطع (٥).
وفي قوله: ﴿مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ دليل على أنهم بُعثوا ببيان الطاعة والمعصية؛ لأنهم إنما يبشرون بالثواب على الطاعة، وينذرون بالعقاب على المعصية، ولا يصح ذلك إلا بعد الكشف عنهما.
وفي قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ دليل على أنه لو لم يبعث الرسل لكان للناس حجة في ترك الطاعة والتوحيد والمعرفة، وقد قال في آية أخرى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا

(١) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٨٠ (كلم).
(٢) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: التكلم.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٨٠، و"مقاييس اللغة" ٥/ ١٣١، و"اللسان" ٢/ ٣٩٢٢ (كلم).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٤، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢١٣.
(٥) انظر: الطبري ٦/ ٣٠، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٤، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢١٣.


الصفحة التالية
Icon