الرمه في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها فقال:

فقلتُ له ارفَعْها إليك وأحْيِها بروحِكَ واجعله لها قيتةً قدْرًا (١)
أحيها بروحك أي: بنفخك (٢).
وروي أن جبريل عليه السلام نفخ في درع مريم فحملت بإذن الله (٣).
ومعنى قوله: ﴿مِنْهُ﴾ على هذا التأويل: بأمره، لأن نفخ جبريل كان بأمر الله تعالى وإذنه، فهو منه. وهذا كقوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ [الأنبياء: ٩١، والتحريم: ١٢] (٤).
وقيل: الروح الرحمة، وعيسى كان رحمة من الله لمن اتبعه وأطاعه (٥).
وقيل في تفسير قوله: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] أي: برحمة كذلك قال المفسرون (٦).
وكذلك قراءة من قرأ: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ (٧) [الواقعة: ٨٩] أي: فرحمة، وهذا كما قال - ﷺ -: "إنما أنا رحمة مهداة" (٨).
وقيل: الروح ههنا جبريل، وهو عطف على الضمير في ﴿أَلْقَاهَا﴾، وتأويله ألقاها الله إلى مريم وجبريل.
(١) "ديوانه" ص ١٧٦، والطبري ٦/ ٣٦، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٤٦ ب، ومعنى "اجعله لها قيئةً قدرًا" أي اجعل فوقها من الحطب قليلًا قليلًا، فالشاعر يتحدث عن نار موقدة.
(٢) الطبري ٦/ ٣٦، و"ديوان ذي الرمة" ص ١٧٦.
(٣) انظر: الطبري ٦/ ٣٥، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٤٦ ب، و"النكت والعيون" ١/ ٥٤٦.
(٤) المرجع السابق.
(٥) الطبري ٦/ ٣٦، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٤٦ ب.
(٦) انظر: "زاد المسير" ٨/ ٢٠٠.
(٧) القراءة بضم الراء من (روح) وهي ليعقوب من العشرة. انظر: "المبسوط" ص ٣٦١، و"النشر" ٢/ ٢٨٣.
(٨) صححه الألباني، وعزاه إلى ابن سعد والحكيم الترمذي عن أبي صالح مرسلًا، كما عزاه إلى الحاكم، ولم أجده عنده. انظر: "صحيح الجامع" رقم (٢٣٤٥).


الصفحة التالية
Icon