مما جرت به الرحم من العصبة (١).
وقوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ اختلفوا في هذا، فعند الكوفيين (لا) مضمرة ههنا، على تقدير: لئلا تضلوا، أو ألا تضلوا. قالوا: ومثل هذا قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر: ٤١] أي: لئلا تزولا، ومثله: ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ﴾ [الحجرات: ٢].
وهذا قول الفراء والكسائي (٢).
وقال البصريون: المحذوف ههنا مضاف، على تقدير: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، فحذف المضاف كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] وبابه، قالوا: و (لا) حرف جاء لمعنى النفى فلا يجوز حذفه، ولكن قد تزاد في الكلام مؤكدة، كقوله: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] ونحوه (٣).
وهذا القول يبعد، لأنه لم يدل على الاجتناب شيء.
والله أعلم (٤).

(١) أخرجه الطبري ٦/ ٤١، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٤٩ أ، و"الدر المنثور" ٢/ ٤٤٣.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٩٧، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٧، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢١٦، و"الدر المصون" ٤/ ١٧٦.
(٣) انظر: "معانى الزجاج" ٢/ ١٣٧، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٧، و"الدر المصون" ٤/ ١٧٦.
(٤) انتهى تفسير سورة النساء بحمد الله.


الصفحة التالية
Icon