وقال الفراء: هو مثل قولك: أحل لك هذا الشيء لا مفرطًا فيه ولا متعديًا، فإذا جعلت (غيرَ) مكان (لا)، صار النصب الذي بعد (لا) في (غير) (١).
والمعنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا أن تحلوا الصيد في حال الإحرام، فإنه لا يحل لكم إذا كنتم محرمين.
ويقال: رجل حرام، وقوم حُرُم، أي: محرمون (٢).
والإضافة في قوله تعالى: ﴿مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ على تقدير الانفصال؛ لأن ما كان من هذا الباب للاستقبال وللحال أثبتت فيه النون والتنوين، نحو: ضارب زيدًا، وضاربون زيدًا (٣). وقد أحكمنا هذا الفصل عند قوله: ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ قال أبو إسحاق: أي الخلق له جل وعز يُحل منه ما يشاء لمن يشاء، ويُحرم ما يريد (٤).
٢ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ الآية.
الشعائر واحدتها: شعيرة، وهي فعيلة بمعنى مُفْعَلَة، والمُشْعَرة: المُعْلَمة، والإشعار: الإعلام من طريق الإحساس، والشعر: العلم من طريق الحس. ذكرنا ذلك في أول البقرة.
وكل شيء أُعلِم فقد أشعر، ومنه السنّة في إشعار الهدي، هذا معنى
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٤١، وانظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٩٤ (حرم)، و"زاد المسير" ٢/ ٢٦٩.
(٣) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٩٨، و"معاني الزجاج" ٢/ ١٤١.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٤٢.