ومن وضع السلام غير موضعه لم يستحق جوابًا، مر رجل برسول الله - ﷺ - وهو يقضي حاجته، فسلم عليه، فقام رسول الله إلى جدارٍ فتيمم ورد الجواب ثم قال: لولا أني خشيت أن تقول: سلمت عليه فلم يرد علي، لما رددتُ عليك، إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تُسلِّم علي، فإنك إن سلمت علي لم أرد عليك (١).
وفي هذا دليل على أن الطهارة مستحبة لجواب السلام والابتداء بالسلام وفي جميع الأحوال، ولهذا قال رسول الله - ﷺ -: "ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (٢).
وإذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب، فلا ينبغي أن يُسلِّم لاشتغال الناس بالاستماع، فإن سلَّم فرد بعضهم عليه فلا بأس، ولو اقتصروا على الإشارة كان أحسن (٣). لما روي أن رسول الله - ﷺ - كان يصلي في مسجد الخيف والناس يدخلون ويسلِّمون عليه فيرد عليهم، فقيل: كيف كان يرد عليهم؟ فقال: إشارة (٤).
(١) هذا الحديث ذكره الرازي في "التفسير الكبير" ١٠/ ٢١٤، والقرطبي ٥/ ٣٠٤، دون عزوٍ لأحد، ولم أجد من خرجه.
وقد جاء في كراهة السلام على من يقضي الحاجة: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سلم على النبي - ﷺ - وهو يبول، فلم يرد عليه "يعني السلام". أخرجه الترمذي (٢٧٢٠) كتاب: الاستئذان، باب ما جاء في كراهية التسليم على من يبول ٥/ ٧١، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٧٧) كتاب: الطهارة، باب المحافظة على الوضوء وغيره، وقال الألباني في "صحيح الجامع" ١/ ٣٢٢: "صحيح".
(٣) انظر: "التفسير الكبير" ١٠/ ٢١٤.
(٤) لم أقف عليه.