أحدهما: جريمة قوتِ ناهضٍ، أي: كاسبُ قوته، وجريم وجارم، كما قالوا: ضاربُ قداحٍ، وضريب قداح، وعريفٌ وعارفٌ.
والآخر: أن لا يقدر حذف المضاف، وتضيف جريمة إلى ناهض، والمعنى: كاسب ناهض، كما تقول: بديعٌ كاسبُ مولاهُ، أي يسعى له ويردّ عليه. فَجَرمَ يستعمل في الكسب وما يُردُّ سعيُ الإنسان عليه، وأما أجرم فيقال في اكتساب الإثم (١).
ومعنى ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ لا تكتسبوا لبغض قوم عدوانًا ولا تقترفوه.
ولفظ النهي واقع على الشنآن، والمعنى بالنهي المخاطبون، كما قالوا: لا أرينك ههنا، ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، وكذلك: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ﴾ [هود: ٨٩] (أن يصيبكم) المفعول الثاني، وأسماء المخاطبين المفعول الأول، ولفظ النهي واقع على الشقاق، والمعنيّ بالنهي المخاطبون. كذلك في هذه الآية، المفعول الأول: المخاطبون، والثاني قوله ﴿أَنْ تَعْتَدُوا﴾، والمعني بالنهي المخاطبون، وإن كان لفظ النهي واقعًا على الشقاق، أي: لا تكتسبوا أنتم (٢).
وقوله تعالى: ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾.
قال أبو زيد: شنئت الرجل أشَنؤُه شنْأً، وشنآنًا، وشُنأً، ومشنأةً، إذا أبغضتَه (٣).
(٢) انظر: "الحجة" ٣/ ١٩٥ - ١٩٧.
(٣) "الحجة" ٣/ ١٩٧.