وهو مذهب مالك (١) واختيار الزجاج (٢) وابن الأنباري (٣).
واحتجوا بقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾، فقال أبو إسحاق: معنى التذكية: أن يدركها وفيها بقية تشخُبُ معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح.
قال: وأصل الذكاء في اللغة: تمام الشيء، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم، وهو تمام السن، (قال الخليل (٤)): الذكاء في السن أن يأتي على قروحه (٥) سنة، وذلك تمام استكمال القوة، وأنشد لزهير:

يُفَضَّله إذا اجتَهَدا عليه تَمام السَّنَّ منهُ والذَّكَاء (٦)
وقيل: جَرْيُ المُذَكَّياَت غِلابٌ (٧)، أي جري المسانّ التي قد أسنّت. وتأويل تمام السن النهاية في الشباب، فإذا نقص عن ذلك أو زاد فلا يقال له الذَّكاء. والذكاء في الفهم أن يكون تامًا سريع القبول، وذكّيت النار إنما هو من هذا، تأويله: أتممت إشعالها، فكذلك قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾
(١) أخرج قوله الطبري في "تفسيره" ٦/ ٧٣.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٤٥.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) في (ش): (قال: وقال الخليل)، ولا يؤثر ذلك في المعنى.
(٥) قال الجوهري: وقرح الحافر قروحًا، إذا انتهت أسنانه، وإنما تنتهي في خمس سنين؛ لأنه في السنة الأولى حولي، ثم جذع، ثم ثنى، ثم رباع، ثم قارح. "الصحاح" ١/ ٣٩٥ (قرح).
(٦) "ديوانه" ص ٦٩، و"الكامل" ١/ ٣٨٦، وفي الديوان: يفضله إذا اجتهدت، والتفصيل في السرعة لتمام السن، والذكاء حدة القلب، ويقال الذكاء في السن.
(٧) أي أن المذكي يغالب مجاريه لقوته. وهذا مثلٌ يضرب لمن يوصف بالتبريز على أقرانه في حلبة الفضل. "مجمع الأمثال" ١/ ٢٨١.


الصفحة التالية
Icon