وقالوا: فلان جيد القسم، أي جيد الرأي، ومعنى: قسم أمره إذا ميّل فيه الرأي: أيفعله أم لا (١). ويقال: تركت فلانًا يستقسم، أي يفكر ويروّي بين أمرين، ومنه الاستقسام بالأزلام، وهو طلب الرأي الذي ميل فيه من جهة الأزلام، ولذلك بني على الاستقسام.
وأما الأزلام فهي أسماء هذه القداح التي كانت لقريش في الجاهلية، وقد زُلّمت أي سويت ووضعت في الكعبة يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد الرجل أمرًا أتى السادن فقال له: أخرج إلي زَلمًا، فيخرجه، فإن خرج قدح الأمر مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قدح النهي قعد عما أراده، وربما كان مع الرجل زَلمان قد وضعهما في قرابه، فإذا أراد إلاستقسام أخرج أحدهما (٢). قال الحُطَيئة:

لا يزجُر الطيرُ إنْ مرَّت بِه سُنُحًا ولا يُفِيض على قِسْمٍ بأزلامِ (٣)
وقال طَرَفَه:
أخذ الأزلامَ مقتسمًا فأتى أغواهُما زُلَمُه (٤)
(١) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٦٢ (قسم).
(٢) من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٥ (زلم)، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ١٥٢، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٣٩، والطبري في "تفسيره" ٦/ ٧٥ - ٧٦، و"زاد المسير" ٢/ ٢٨٤.
(٣) "ديوانه" ص ٢٢٧، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٥٢ (زلم).
ومعنى لا يزجر: لا يتطير، وسنحا جمع سانح وهو ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك.
انظر: "اللسان" ٤/ ٢١١٢، ويفيض من الإفاضة وهي الضرب بالاقداح، وقوله: قسم من قولك: يقسم أمره إلي: ينظر فيه ويحيله أيفعله أم لا.
(٤) "ديوانه" ص٧٢، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٥٢ (زلم).


الصفحة التالية
Icon