المسلمة في هذا التحليل، وذلك ان هذا تحليل مطلق، والتحليل المطلق إنما يستمر في الحرائر المسلمات؛ فأما الأمة المسلمة فنكاحها إنما يجوز بشرطين، على ما بينا في سورة النساء، فهي غير مطلقة النكاح.
وإن حملنا الإحصان على العِفّة وهو قول ابن عباس والباقين قلنا في هذه الآية إن المراد بها بيان الأولى من النكاح، كما قال رسول الله - ﷺ -: "عليك بذات الدين تربت يداك" (١) فالأولى أن يتزوج عفيفة، فإن تزوج زانية كُرِهَ وجاز، وسنذكر المذاهب في تزوجّ الزانية عند قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾ [النور: ٣] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾.
قال ابن عباس: يريد الحرائر، وأما أهل الكتاب حرام نكاحهن (٢).
هذا كلامه، وقد بينا هذا في سورة النساء.
واختلفوا في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ هل هو عام أم لا؟
فقال ابن عباس: هذا خاص في الذميات منهن، فأما الحربيات منهن فلا. روى مِقسَم عنه أنه قال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، (ومنهم (٣)) من لا يحل لنا. ثم قرأ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩] فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يُعطِ لم يحل (٤).
(٢) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٧.
(٣) في (ش): منهن وما أثبته هو الموافق لما عند الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٠٧.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٠٧، و"زاد المسير" ٢/ ٢٩٧. قال ابن الجوزي معلقًا على رأي ابن عباس هذا: والجمهور على خلافه.