وقوله تعالي: ﴿وَامْسَحُوا (١) بِرُءُوسِكُمْ﴾.
المسح مسحك شيئًا بيدك كمسحك الرشح عن جبينك، وكمسحك رأسك في وضوئك. قاله الليث (٢).
والظاهر (٣) من مقتضى الآية أن التعميم لا يجب في مسح الرأس، وأنه غير محدود أيضًا، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأنه إذا مسح البعض وإن قل، فقد حصل من طريق اللسان ماسحًا (٤)، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن الباء توجب التعميم؛ لأن ذلك لا يعرفه أهل النحو، بل الباء للإلصاق، كما بينا في أول الكتاب عند قوله: ﴿بِسْمِ اللهِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾.
في الأرجل قراءتان: النصب والخفض (٥).
أما النصب فهو ظاهر؛ لأنه عطف على المغسول، لوجوب غسل الرجلين بإجماع، لا يقدح فيه قول من خالف.
وأما الكسر فقد اختلفوا في وجهه: فقال أبو حاتم وابن الأنباري
(٢) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٨٨، وانظر: "اللسان" ٧/ ٤١٩٦ (مسح).
(٣) في (ش): (فالظاهر).
(٤) انظر: "الأم" ١/ ٢٥، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٢٢، وقد قال بقول الشافعي الحسن والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وهو رواية عن الإمام أحمد، والرواية الأخرى عن أحمد أنه يجب مسح جميعه، وهو مذهب مالك.
انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٢٤ - ١٢٥، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٢٢، و"المغني" ١/ ١٧٥.
(٥) قراءة النصب لنافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص، وقرأ الباقون بالخفض، انظر: "الحجة" ٣/ ٢١٤، و"النشر" ٢/ ٢٥٤.