وإجماع أهل اللغة أن الركس والإركاس بمعنى، وأن تأويله النَّكس والرد، والمنكوس والمركوس واحد (١).
قال الزجاج: تأويل ركسهم في اللغة (٢): نكسهم وردهم (٣)، والمعنى: أنه ردهم إلى حكم الكفار من الذل والصغار والسبي والقتل ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ أي بما أظهروا من الارتداد بعدما كانوا على النفاق، وذلك أن المنافق ما دام متمسكًا في الظاهر بالشهادتين لم يكن لنا سبيل إلى دمائهم، وكذلك فعل رسول الله - ﷺ -، وكان قد أعلم بنفاق المنافقين، وذكر عددهم لحذيفة (٤)، وعاش خلق بعد رسول الله - ﷺ -، فإذا أظهروا الارتداد عادوا إلى حكم الكفار، وهذا معنى قوله: ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾.
وقوله تعالى: ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾.
قال ابن عباس: "يريد تُرشدوا من لم يرشده الله" (٥).
ومعنى هذا أنه ليس إليكم هداية من أضل الله، وهؤلاء ممن ضلهم الله فلا يرشدهم أحد.
وقال الزجاج: [أي أتقولون] (٦) إنَّ هؤلاء مهتدون والله جل وعز قد أضلهم (٧).

(١) انظر: "العين" ٥/ ٣١٠، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٦٠ - ١٤٦١، و"الكشف والبيان" ٤/ ٩٥ ب و"التفسير الكبير" ١٠/ ٢١٩.
(٢) تكررت في (ش): (في اللغة) وهو سهو من الناسخ.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٨.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٢.
(٦) طمس هذا الموضع في (ش)، والتسديد من "معاني الزجاج" ٢/ ٨٨.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٨.


الصفحة التالية
Icon