وقال أبو إسحاق: النقيب في اللغة كالأمين (١) والكفيل (٢). ثم بين حقيقة الباب واشتقاقه فقال: يقال: نقب الرجل على القوم ينقُبُ نقابة فهو نقيب، إذا صار نقيبًا عليهم، وما كان الرجل نقيبًا، ولقد نقُبَ، وفي فلان مناقب جميلة، أي أخلاق، وهو حسن النقيبة، أي جميل الخليقة (٣)، وإنما قيل للنقيب: نقيب؛ لأنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعلم مناقبهم وهو الطريق إلى معرفة أمورهم.
وهذا الباب كله أصله التأثير الذي له عمق ودخول، فمن ذلك: نقبت الحائط، أي بلغت في النقب آخره، ومن ذلك: النقبة من الجَرب؛ لأنه داء شديد الدخول، وذلك أنه يطلى البعير بالهناء فيوجد طعم القطران في لحمه، والنُّقْبة السراويل بغير رجلين، لما قد بولغ في فتحها ونقبها، ويقال: كلب نقِيب، وهو أن تنقب حنجرته لئلا يرتفع صوت نباحه، وإنما يفعل ذلك البخلاء من العرب لئلا يطرقهم ضيف (٤). هذا بيان الزجاج.
واختلفوا في معنى بعث النقباء: فقال الحسن: أخذ من كل سبط منهم نقيب ضامن بما عقد عليهم بالميثاق في أمور دينهم (٥).
ونحو هذا قال ابن عباس في رواية عطاء، فقال في قوله: ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾: يريد ضامنين عن قومهم لله الميثاق وأن يؤمنوا بمحمد (٦) - ﷺ - ويصدقوه وينصروه (٧).
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٥٧.
(٣) في "معاني الزجاج" ٢/ ١٥٨: حسن الخليقة.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٥٧ - ١٥٩ بتصرف.
(٥) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٥٦، و"زاد المسير" ٢/ ٣١٠.
(٦) في (ش): (لمحمد).
(٧) لم أقف عليه.