وقال الحسن: لم يمت موسى في التِّيه (١).
واختلفوا: أيضًا هل دخل مدينة الجبارين أم لا؟، فقال قوم: كان الفتح على يديه.
وقال قوم إنما قاتل الجبارين يوشع، ولم يَسِر إليهم إلا بعد موت موسى (٢).
فإن قيل: كيف قال: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾ وقد قال: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾؟
قيل: قوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ المراد به من دخلها من أولادهم وذراريهم، فأما من مات في التيه ولم يدخلها فإنها لم تكتب لهم.
والمراد: بهذا التحريم تحريم منع لا تحريم تعبد، كما تقول: حرام عليك دخول داري، أي أني أمنعك ذلك فلا تدخل، ليس أنه يحرم عليه بالشرع.
وقوله تعالى: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾.
قال الفراء: هي منصوبة بالتحريم، ولو نصبتها بـ (يتيهون) كان صوابًا (٣).
قال الزجاج: أما نصبه بـ (محرمة) فخطأ؛ لأن التفسير جاء بأنها
(٢) رجح الطبري في "تفسيره" وغيره القول الأول وأن موسى عليه السلام هو الذي فتح مدينة الجبارين. انظر: "جامع البيان" ٦/ ١٨٢، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٣٨، و"زاد المسير" ٢/ ٣٣٠، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٣١.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٣٠٥، وانظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٤، و"مشكل إعراب القرآن" ١/ ٢٢٣.