واختلفوا في معنى قوله: ﴿يَصِلُونَ﴾، فالأكثرون قالوا: معنى قوله: ﴿يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ﴾ أي يتصلون بهم ويدخلون فيما بينهم بالحِلْف والجوار والالتجاء.
وبه قال الفراء (١) والزجاج (٢)، وعليه تفسير ابن عباس فإنه قال في رواية عطاء: "يريد يلجؤون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" (٣).
وقال أبو عبيدة: ﴿يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ﴾ أي ينتسبون، ووصل واتصل إذا انتسب (٤)، قال الأعشى:
إذا اتصلتْ قالتْ: أبكرَ بنَ وائلٍ... البيت (٥)
وبه قال ابن الأعرابي (٦) وعبد الله بن مسلم (٧).
وكلا القولين صحيح، وإن قال بعض الناس (٨) منكرًا قول أبي عبيدة

(١) "معاني القرآن" ١/ ٢٨١.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٩.
(٣) ذكره البغوي ٢/ ٢٦٠، وأخرجه بمعناه من طريق عكرمة عن ابن عباس ابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٤٢، وقد عزاه السيوطي أيضًا لابن جرير، ولم أجده عنده.
(٤) من "مجاز القرآن" ١/ ١٣٦ كما يدل عليه مضمون سياقه لبيت الأعشى في تفسير هذِه الآية وكلامه عليهن وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٣٠، و"الكشف والبيان" ٤/ ٩٦/ ب.
(٥) عجز هذا البيت هو:
وبكرٌ سَبتها والأنوفُ رواغمُ
وهو في ديوان الأعشى الكبير ص ١٨٠، و"مجاز القرآن" ١/ ١٣٦، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص١٣٠، والطبري ٥/ ١٩٨، و"الكشف والبيان" ٤/ ٩٦ ب. والشاهد منه قوله: "إذا اتصلت" أي: انتسبت.
(٦) "تهذيب اللغة" ٢/ ٢٣٥ (وصل).
(٧) ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص١٣٠.
(٨) لعله يريد الطبري كما في "تفسيره" ٦/ ١٩٨ فقد رد هذا القول بشدة وتبعه في ذلك ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٤/ ١٦٤.


الصفحة التالية
Icon