وبينهم ابن صُوريا (١) -وكان أعلمهم بالتوراة- فأُحضِر وأقسم عليه رسول الله - ﷺ -، فقال: "أسألك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل في التوراة أن يرجم المحصنان إذا زنيا؟ " قال: نعم (٢). وكانت اليهود قد ترخصت في حد الزنا، وجعلت بدل الرجم الجلد والتحميم (٣)، فذلك تحريفهم الكلم عن مواضعه. هذا قول أهل التفسير.
وقال أهل المعاني: يعني: تحريف كلام النبي - ﷺ - بعد سماعهم منه، يحرفونه للكذب عليه (٤).
قال أبو علي: قوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ من صفة قوله (٥): ﴿سَمَّاعُونَ﴾ (٦) أي فريق سماعون يحرفون الكلم.

(١) هو عبد الله بن صوريا، ويقال: ابن صور، الإسرائيلي، وإن من أحبار اليهود، ويقال إنه أسلم، لكنه ارتد بعد ذلك. انظر: "الإصابة" ٢/ ٣٢٦.
(٢) أخرجه بنحوه من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، أبو داود (٤٤٥٢) كتاب الحدود، باب: في رجم اليهوديين، وابن ماجه (٢٣٧٤) كتاب الأحكام، باب (٣٣): شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض مختصرا والحميدي في "مسنده" ٢/ ٥٤١، ٥٤٢. قال في "الزوائد": في إسناده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. وقد أورده الماوردي في "النكت والعيون" ٢/ ٣٩، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٥٥، ٥٦، وابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٦٦، والسيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٥٠٠.
(٣) هو: أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار ثم يسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين، ويطاف بهما. البغوي في "تفسيره" ٣/ ٥٦، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٣٦ فالتحميم: تسويد الوجه.
(٤) نسب هذا القول للحسن: الماوردي في "النكت والعيون" ٢/ ٣٩، وانظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ٣٦.
(٥) في "الحجة" ٢/ ٣٦: لقوله.
(٦) "الحجة" ٢/ ٣٦.


الصفحة التالية
Icon