فالسحت حرام يحمل عليه الشره كشره المسحوت المعدة، وعلى ما قال الليث، إنه حرام يلزم منه العار، يمكن أن يقال: سمي سُحْتا؛ لأنه يسحت مروءة الإنسان.
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾.
هذا تخيير للنبي - ﷺ - في الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليه، إن شاء حكم، وإن شاء ترك (١).
واختلفوا في ثبوت هذا التخيير: فقال إبراهيم والشعبي وعطاء وقتادة: إنه ثابت اليوم لحكام المسلمين، إن شاءوا حكموا بينهم بحكم الإسلام، وإن شاءوا أعرضوا (٢).
وقال آخرون: إنه منسوخ بقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩].
وهو قول الحسن ومجاهد والكلبي وعكرمة والسدي (٣)، ورُوي ذلك عن ابن عباس (٤).

(١) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٢، "معاني الزجاج" ٢/ ١٧٧، "بحر العلوم" ١/ ٤٣٨.
(٢) أخرج أقوالهم الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٣ - ٢٤٤، وانظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٢٩٣، "معاني النحاس" ٢/ ٣١٠، "النكت والعيون" ٢/ ٤١، البغوي في "تفسيره" ٣/ ٥٩، وبهذا القول قال الإِمام أحمد -رحمه الله- انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٦١، ورجحه الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٦.
(٣) انظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١٣٤، والطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٥ - ٢٤٦، و"معاني النحاس" ٢/ ٣١٠، "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٢٩٤، ١٩٥، و"النكت والعيون" ٢/ ٤٥، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٥٩.
(٤) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص ١٣٤، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٢٩٤ بإسناد صحيح، وانظر المصادر السابقة.


الصفحة التالية
Icon