وقوله تعالى: ﴿أَهَؤُلَاءِ﴾، يعني: المنافقين، قاله ابن عباس، والكلبي (١)، ﴿أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾، قال عطاء: حلفوا ﴿بِاللهِ﴾ بأغلظ الأيمان (٢)، ونصب ﴿جَهْدَ﴾ لأنه مصدر، أي: جهدوا جهد أيمانهم، وقال أبو إسحاق: أي: يقول المؤمنون للذين باطنهم وظاهرهم واحد: أهؤلاء الذين حلفوا وأكدوا أيمانهم أنهم مؤمنون، وأنهم معكم وأعوانكم على من خالفكم. ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ أي: ذهب ما أظهروه من الإيمان، وبطل كل خير عملوه بكفرهم وصدهم عن سبيل الله، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ١] (٣)، وقال الكلبي: "بطلت حسناتهم" (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٣]، قال عطاء عن ابن عباس: "خسروا الدنيا والآخرة، أما الدنيا فليس هم من الأنصار، وأما الآخرة فقرنهم الله مع الكفار" (٥).
وقال الكلبي: ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ مغبونين بأنفسهم ومنازلهم في الجنة، وصاروا إلى النار، وورثها المؤمنون (٦).

(١) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٨١.
(٢) ساقه المؤلف في الوسيط ٢/ ١٩٨ ابتداء دون نسبة. وكذا البغوي ٣/ ٦٩، ونسبه ابن الجوزي "زاد المسير" ٢/ ٣٨٠ لابن عباس.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١، ١٨٢، انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٤٣، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٩.
(٤) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) لم أقف عليه، انظر: "الوسيط" ٢/ ١٩٨.


الصفحة التالية
Icon