فأما التفسير فقال الحسن: علم الله تعالى أن قوماً يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم - ﷺ -، فأخبرهم أنه سيأتي بقوم يحبهم ويحبونه (١).
واختلفوا في ذلك القوم من هم: فقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - والحسن وقتادة والضحاك وابن جريج: هم أبو بكر - رضي الله عنه - وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة ومنكري الزكاة (٢).
قالت عائشة: مات رسول الله - ﷺ -، وارتدت العرب، واشرأب النفاق ونزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها (٣).
قال المفسرون: وذلك أن أهل الردة قالوا: أما الصلاة فنصلي، وأما الزكاة فلا نُغصَبُ أموالنا، فقال أبو بكر: لا أفرق بين ما جمع الله، قال الله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]. والله لو منعوني عقالاً مما أدوا إلى رسول الله - ﷺ - لقاتلتهم عليه (٤).
والمناظرة التي جرت بينه وبين عمر في هذا معروفة (٥).
قال أنس بن مالك: كرهت الصحابة قتال مانعي الزكاة، وقالوا: أهل

(١) الأثر في الوسيط ٢/ ١٩٩، البغوي ٣/ ٦٩، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٠.
وأخرج الطبري ٦/ ٢٨٢ - ٢٨٣ من طرق عن الحسن أنه قال: نزلت في أبي بكر وأصحابه.
(٢) أخرج الآثار عنهم: الطبري ٦/ ٢٨٣ - ٢٨٤، وذكرهم البغوي ٣/ ١٦٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ٣٨١، والسيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٥١٧.
(٣) ذكره البغوي ٣/ ٧١.
(٤) أخرج الأثر بنحوه البخاري (١٤٠٠) كتاب الزكاة/ باب: وجوب الزكاة. ومسلم (٢٠) كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.
(٥) جاء منصوصًا عليها في الأثر السابق في البخاري ومسلم.


الصفحة التالية
Icon