فهؤلاء قاتلوا أهل الردة بأمر أبي بكر، فحمدوا بطاعتهم له وانتهائهم إلى أمره، فليس يخرج أبو بكر عن أن يكون منهم، ثم الآية تتناول بعمومها كل من يكون منهم، ثم الآية تتناول بعمومها كل من يكون بعدهم إلى قيام الساعة، ممن يجاهد أهل الشرك والكفر والردة في سبيل الله.
وقوله تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾، بدأ بمحبته لأنها الجالبة والموجبة لمحبتهم، ولا يحب الله إلا من أحبه الله، ولولا محبة الله إياهم ما أحبوه، فهذا طريق في تفسير هذه الآية، وروي مرفوعاً أن النبي - ﷺ - لما نزلت هذه الآية (أومأ) (١) إلى أبي موسى الأشعري فقال: "هم قوم هذا" (٢).
أخبرناه الأستاذ أبو إبراهيم إسماعيل بن أبي القاسم النصر اباذي، أخبرنا الإِمام أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، حدثنا أبو عَمرو الحوضي، حدثنا شعبة، عن سماك، عن عياض الأشعري قال: لما نزلت هذه الآية (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) قال رسول الله - ﷺ -: "هم قوم هذا". يعني أبا موسى الأشعري. أخرجه الحاكم في المستدرك (٣) عن ابن السماك، حدثنا عبد الملك بن محمد، حدثنا وهب بن جرير عن شعبة، وتفسير النبي - ﷺ - أولى بالاتباع، وإذا كان
قال ابن منظور: "وأومأَ تومأَ، ولا تقل: أوميت. الليت:
الإيماء أن تومئ برأسك أو بيدك | " اللسان ١/ ٢٠١ (ومأ). |
(٣) ٢/ ٣١٣ وصححه على شرط مسلم، كما أخرجه الطبري ٦/ ٢٨٤، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٥١٨ إلى ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه.