أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: ١٠٥] اتفقوا على جر (المشركين) عطفاً على أهل الكتاب، ولم يعطف على العامل الرافع، إن جاز ذلك (١).
وأما من نصب فحجته قوله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ﴾ [آل عمران: ٢٨] فكما وقع النهي عن اتخاذ الكفار في هذه الآية كذلك ههنا عطف الكفار على معمول الاتخاذ، فكأنه قال: لا تتخذوا الكفار أولياء (٢)، والمراد بالكفار كل كافر من غير أهل الكتاب، قال عطاء: "هم كفار مكة وغيرهم" (٣)، وقال الحسن: "هم مشركو العرب" (٤).
فالقول الأول عموم، وقول الحسن يدل على أن مشركي العرب هم المقصود بالكلام خصوصاً (٥)، ولكن يدخل غيرهم في حكمهم بما صحب الكلام من الدليل.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٥٧]، أي إن كنتم مؤمنين بوعده ووعيده فاتقوا الله، ولا تتخذوا منهم أولياء. هذا قول ابن عباس فيما روى عنه عطاء (٦)، قال في قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: إذ يأمر الله سبحانه أولياءه وأهل طاعته بتركهم (٧)، وقال أهل المعاني: المعنى

(١) من "الحجة" ٣/ ٢٣٤ - ٢٣٦ بتصرف -ولا يزال ينقل منه في الكلام على قراءة النصب الآتية.
(٢) من الحجة ٣/ ٢٣٦ بتصرف يسير.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) اختار الطبري أنهم المشركون من عبدة الأوثان، واحتج بقراءة لابن مسعود - رضي الله عنه - انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٢٩١.
(٦) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٤٥، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٥.
(٧) لم أقف على الأثر عن ابن عباس.


الصفحة التالية
Icon