فاسقون، أي: تنقمون منا ذلك لأن أكثركم فاسقون. والواو زائدة (١) كما زيدت في غيرها من المواضع (٢).
وقال غيره: إنما نقموا على المسلمين فسقهم؛ لأنهم لم يتابعوهم عليه.
وقال بعضهم: لما ذكر ما نقم اليهود عليهم من الإيمان بجميع الرسل، وليس هو مما يُنقم، ذكر في مقابلته فسقهم وهو مما يُنقم، ومثل هذا حسن في الازدواج، يقول القائل: هل تنقم مني إلا أني عفيف وأنك فاجر، وإلا أني غني وأنت فقير، فحسن ذلك لإتمام المعنى بالمقابلة.
ومعنى: ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي خارجون عن أمر الله طلباً للرئاسة وحسداً على منزلة النبوة (٣).
والمراد بالأكثر: من لم يؤمن منهم؛ لأن قليلاً من أهل الكتاب آمن.
وذكر أبو علي الجرجاني قولاً آخر في قوله: ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ قال: تجعله منظوماً بقوله: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ على تأويل: آمنا بالله وبأن أكثركم فاسقون، فيكون موضع (أن) خفضاً بالياء.
٦٠ - قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً﴾، هذا جواب لليهود حين قالوا: ما نعرف ديناً شراً من دينكم. كما حكينا (٤)، يقول الله تعالى لنبيه قل لليهود: هل أخبركم بشر مما نقمتم من إيماننا ثواباً، أي:

(١) في (ج): (والوا زائدة).
(٢) تقدم أن بعض المحققين كالحافظ ابن كثير رحمه الله نبهوا على خطأ مثل هذا التعبير، فلا ينبغي أن يقال: إن في القرآن زائدًا.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨٧.
(٤) في سبب نزول الآية السابقة.


الصفحة التالية
Icon