٩٥ - قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ الضرر النقصان، وهو كل ما يضرك وينقصك من عمى ومرض وعلة. تقول: دخل عليه ضرر في ماله، أي نقصان.
فمعنى قوله: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ أي: غير من به علة تضره وتقطعه عن الجهاد. كذا قال أهل اللغة (١)، وهو موافق لما قاله المفسرون؛ فإن ابن عباس قال في رواية عطاء، في قوله: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾: يريد ابن أم مكتومٍ الأعمى (٢)، وقومًا من الأنصار، كان فيهم ضر من عرج ومرض، فعذرهم الله تعالى، وجعل لهم ثوابًا وافيًا (٣).
وقال الزجاج: الضرر: أن يكون ضريرًا، أي أعمى وزمنًا ومريضًا (٤).
وقرئ ﴿غَيْرُ﴾ رفعًا ونصبًا (٥)، فمن رفع الراء فهو صفة للقاعدين، والمعنى على هذا: لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر، أي: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون، وإن كانوا كلهم مؤمنين (٦).
(٢) هو عمرو وقيل عبد الله بن زائدة - وقيل: ابن قيس بن زائدة بن الأصم القرشي الأعمى، اشتهر بكنيته (ابن أم مكتوم)، من المهاجرين الأولين، وخليفة رسول الله - ﷺ - على المدينة في كثير من غزواته. انظر: "أسد الغابة" ٤/ ٢٢٣، و"سير أعلام النبلاء" ١/ ٣٦٠، و"الإصابة" ٢/ ٣٥١.
(٣) أخرجه من طريق العوفي بمعناه الطبري ٥/ ٢٢٩.
(٤) عند الزجاج في "معانيه" ٢/ ٩٣: "والضرر أن يكون ضريرًا أو أعمى أو زمنًا أو مريضًا".
(٥) قراءة الرفع لابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب، وقرأ الباقون بالنصب. انظر: "الحجة" ٣/ ١٧٨، و"المبسوط" ص ١٥٨، و"النشر" ٢/ ٢٥١.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٩٢.