للنبي - ﷺ - يقول: لا تحزن على أهل الكتاب إن كذبوك (١).
٦٩ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾، قد مضى تفسير هذه الآية مشروحًا مستقصًى في البقرة (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾، اختلفوا في وجه ارتفاعه، فقال الكسائي: هو نسق على ما في ﴿هَادُوا﴾ كأنه قيل: هادوا هم والصابئون (٣)، قال الزجاج: وهذا خطأ من جهتين: إحداهما أن الصابىء على هذا القول يشارك اليهودي في اليهودية، وليس كذلك، فإن الصابىء غير اليهودي، وإن جعل ﴿هَادُوا﴾ بمعنى: تابوا، من قوله: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] لا من اليهودية، ويكون المعنى: تابوا هم والصابئون، فالتفسير قد جاء بغير ذلك، لأن معنى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في هذه الآية إنما هو إيمان بأفواهم، لأنه يعني به المنافقون؛ لأنه وصف الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ثم ذكر اليهود والنصارى فقال: من آمن منهم بالله فله كذا، فجعلهم يهودًا ونصارى، فلو كانوا مؤمنين لم يُحتج أن يقال: (من آمن منهم فلهم أجرهم) (٤)، وهذا قول الفراء (٥) والزجاج في الإنكار عليه، وقال الفراء: ارتفع الصابئون بالنسق على الذين، وإنما نُسِقَ على المنصوب بالمرفوع؛ لأن (إن) ضعيفة العمل، وضعفه أنه يقع على

(١) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٣١٠، "بحر العلوم" ١/ ٤٤٩، "تفسير البغوي" ٣/ ٨١.
(٢) عند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾ الآية (٦٢) البقرة.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٤.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٤ بتصرف.
(٥) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٢، ١٩٣


الصفحة التالية
Icon