نُمِدُّهُمْ} [المؤمنون: ٥٥] ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ﴾ [القيامة: ٣].
فهذه مخففة من الثقيلة، لأن الناصبة للفعل لا يقع بعدها (أن)، ومثل المذهبين في الظن قوله تعالى: ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا﴾ [القيامة: ٢٥] ﴿إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا﴾ [البقرة: ٢٣٠]. ومن الرفع قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ﴾ [الجن: ٥] ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ [الجن: ٧] فأنْ ههنا الخفيفة من الشديدة كقوله: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ﴾ [المزمل: ٢٠] لأن (أن) الناصبة للفعل لا تجتمع مع (لن) ومع السين؛ لاجتماع الحرفين في الدلالة على الاستقبال، كما لا يجتمع الحرفان لمعنى واحد، فمن رفع قوله: (أن لا تكون) كان المعنى: أنَّه لا تكون، ثم خففت المشددة وجعلت (لا) عوضًا من حذف الضمير، ولو قلت: علمت أن يقول، بالرفع، لم يحسن حتى تأتي بما يكون عوضًا من حذف الضمير، نحو قد والسين وسوف، كما قال تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ﴾ [المزمل: ٢٠] ووجه النصب ظاهر.
وقوله تعالى: ﴿فَعَمُوا وَصَمُّوا﴾، أي عن الهدى فلم يعقلوه (١)، قال الزجاج: هذا مثل، تأويله أنهم لم يعملوا بما سمعوا ولا ما رأوا من الآيات، فصاروا كالعمي الصم (٢).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، قال الحسن: "فاستنقذهم بمحمد فكذبوه" (٣).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٥، انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٥١.
(٣) لم أقف عليه عن الحسن، انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٣٤١، "بحر العلوم" ١/ ٤٥١، "زاد المسير" ٢/ ٤٠١.