إِلَّا قَلِيلٌ} [النساء: ٦٦] (١).
ومن نصب (غيرَ) جعله استثناء من القاعدين، لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر، على أصل الاستثناء (٢).
وهذا الوجه اختيار الأخفش، وهو أن ينتصب (غيرَ) في القراءة على الاستثناء. قال: لأنه لا يُستثنى بها قومٌ لم يقدروا على الخروج (٣).
كما رُوي في التفسير: أنه لما ذكر الله فضيلة المجاهدين على القاعدين، جاء قوم من أولي الضرر، وقالوا للنبي - ﷺ -: حالنا على ما ترى، ونحن نشتهي الجهاد، فهل لنا من رخصة؟، فنزل: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] واستثنوا من جملة القاعدين (٤).
وقال الفراء: الوجه فيه الاستثناء والنصب، إلا أن اقتران غير بالقاعدين يكاد يوجب الرفع، لأن الاستثناء ينبغي له أن يكون بعد التمام، فيقول في الكلام: لا يستوي المحسنون والمسيئون إلا فلانًا وفلانًا (٥).
وقال بعض النحويين من المتأخرين: الاختيار الرفع، لأن الصفة أغلب على (غير) من الاستثناء، وليس قول من ذهب إلى اختيار النصب
(٢) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٩٣، و"الحجة" ٣/ ١٨٠، و"معاني القرآن" ١/ ٣١٦.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٤٥٣.
(٤) أخرج البخاري (٤٥٩٢) في كتاب: التفسير (سورة النساء)، باب: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥]، ومسلم (١٨٩٨) كتاب: الإمارة، باب: حرمة نساء المجاهدين عن البراء رضي الله عنه قال: "لما نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ دعا رسول الله - ﷺ - زيدًا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته فأنزل الله ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾. وانظر: "أسباب النزول" للمؤلف ص ١٧٩ - ١٨٠، و"لباب النقول" ص ٧٨.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢٨٣، ٢٨٤.