وهم يطعمونها؟ فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ من الأموات والأحياء في البلدان ﴿جُنَاحَ﴾ إثم فيما طعموا من الخمر والقمار ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا﴾ ما حرم الله عليهم ﴿وَآمَنُوا﴾ بالله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ في إيمانهم ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا﴾ إن أحدث الله لهم تحريم شيء مما أحل لهم ﴿وَأَحْسَنُوا﴾ فيما تعبدهم الله به (١).
٩٤ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ﴾ الآية، قد ذكرنا معنى ابتلاء الله في قوله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٦]، والواو في ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ﴾ مفتوحة لالتقاء الساكنين، ومعناه: ليختبرن طاعتكم من معصيتكم، أي: ليعاملنكم معاملة المختبر (٢)، قال مقاتل بن حيان (٣): كان هذا عام الحديبية، كانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم كثيرة وهم محرمون، لم يروها قط فيما خلا، فنهاهم الله عنها ابتلاء (٤).
وقوله تعالى: ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ﴾ إنما بَعَّض لأنه عني صيد البر دون صيد البحر (٥)، وهو قول الكلبي، قال: أراد صيد البر خاصة (٦).
(٢) "تفسير الطبري" ٧/ ٣٩، "معاني الزجاج" ٢/ ٢٠٦، "النكت والعيون" ٢/ ٦٥، "زاد المسير" ٢/ ٤٢١.
(٣) قد يكون مقاتل بن سليمان، فإن نحو هذا القول في تفسيره، كما سيأتي في عزوه.
(٤) "تفسير مقاتل" بن سليمان ١/ ٥٠٣ بنحوه.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٠٦.
(٦) "النكت والعيون" ٢/ ٦٦، "زاد المسير" ٢/ ٤٢١، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٢٣.