طريقان:
أحدهما: أن الله امتن على المسلمين بأن جعل الكعبة صلاحًا لدينهم ودنياهم، وقيامًا لهما بها.
والثاني: أنه أخبر عما فعله من أمر الكعبة في الجاهلية، قال أبو بكر: والقيام يقال في تفسيره غير وجه: منها: الأمن، لأن الناس يقومون بالأمن ويصلح شأنهم من جهته، ويقال للقيام: العصمة، من قولهم: فلان يقوم على القوم إذا كان يكفل بمؤوناتهم، وهذا قول الربيع بن أنس في قوله: ﴿قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾ قال: عصمة لهم (١)، قال: والقيام: إصلاح، من قوله عز وجل: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] أي صلاحًا ومعاشًا (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾، أراد الأشهر الحرم الأربعة، وخرج مخرج الواحد؛ لأنه ذهب به مذهب الجنس، وهو عطف على المفعول الأول لجعل، ومثل ذلك: ظننت زيدًا منطلقًا وعمرًا، وذكرنا معنى الهدي والقلائد في أول السورة (٣).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا﴾ إلى آخرها، لم أر للمفسرين فيه شيئًا، وذكر أصحاب المعاني فيه قولين:
أحدهما: أن الإشارة في قوله: (ذلك) إلى ما ذُكِر في هذه الآية من جعل الكعبة صلاحًا وأمنًا وقوامًا للناس، وهو قول ابن قتيبة (٤)، وأبي
(٢) "زاد المسير" ٢/ ٤٣٠، ٤٣١.
(٣) عند تفسير الآية الثانية من هذه السورة (المائدة).
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٧٣، ٧٤.