في كل الصفات، وسمع العرب تقول: كما أنت زيدًا، ومكانك زيدًا، قال الفراء: وسمعت بعض بني سليم يقول: مكانكني، يريد انتظرني في مكانك (١)، ولا يجوز تقديم ما نصبته حروف الإغراء عليها نحو: زيدًا عليك، لأنها طروف أقيمت مقام الأفعال وليست أفعالاً، فلا تقوى على العمل فيما قبلها (٢).
وأما سبب نزول الآية: فروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن النبي - ﷺ - لما قبل من أهل الكتاب الجزية وأبى من العرب إلا الإسلام أو السيف، عيَّر المؤمنين منافقوا مكة قبول رسول الله - ﷺ - الجزية من بعض دون بعض، فنزلت هذه الآية (٣)، يقول: لا يضركم ملامة اللائمين إذا كنتم على هدى، وقال سعيد بن جبير: نزلت في أهل الكتاب، يعني: عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من أهل الكتاب (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، قال الزجاج: الأجود أن يكون رفعًا على جهة الخبر، والمعنى: ليس يضركم من ضل، قال: ويجوز أن يكون موضع ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾ جزمًا على الجواب لقوله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ لأنه أمر، ويكون الأصل: لا يضرركم إلا أن الراء الثانية أدغمت فيها الأولى وضمت لالتقاء الساكنين (٥)، وشبه الفراء هذا بقوله
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٣.
(٣) ذكره المؤلف في "أسباب النزول" ص ٢١٤، و"بحر العلوم" ١/ ٤٦٣، و"تنوير المقباس" - الذي هو من رواية الكلبي ورواياته منكرة بهامش المصحف ص ١٢٥.
(٤) أخرجه الطبري ٧/ ٩٤، و"معاني القرآن وإعرابه" للنحاس ٢/ ٣٧٤.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢١٤.