الله - ﷺ - فأحلفهما في مسجد الكوفة بعد العصر بالله ما بدلا ولا كذبا، وأجاز شهادتهما (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، الشرط متعلق بقوله: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ والمعنى: أو شهادة آخرين من غيركم إن أنتم سافرتم، قال أبو علي: وهو وإن كان على لفظ الخبر، فالمعنى على الأمر، تأويله: ينبغي أن تُشْهِدوا إذا ضربتم في الأرض آخرين من غير أهل ملتكم (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ مع قوله: ﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ فصلان معترضان بين الصفة والموصوف؛ لأن قوله: (تحبسونهما) من صفة قوله: (أو آخران)، والفاء في قوله: (فأصابتكم) لعطف جملة على جملة (٣).
وقوله تعالى: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ﴾ قال صاحب النظم: أي تقيمونهما وتقفونهما، كما يقول الرجل: مر بي فلان على فرس فحبس على دابته، أي: وقفه، وحبست الرجل في الطريق أكلمه، أي: وقفته. قال: ويقال إن معنى قوله: (تحبسونهما) تعبرونهما على اليمين، وهو أن يحمل الإنسان على اليمين وهو غير متبرع بها.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ﴾، أي من بعد صلاة أهل دينهما، عن

(١) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز" ص ١٥٧، ١٥٨ رقم ٢٩٠ مختصرًا، وأبو داود (٣٦٠٥) كتاب: الأقضية، باب: شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر، والطبري ٧/ ١٠٥، وانظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ص ٣٧٩.
(٢) "الحجة" ٣/ ٢٦٥.
(٣) انظر: "الحجة" ٣/ ٢٦٤.


الصفحة التالية
Icon