وقال السدي في معنى القراءة الأولى: هل يطيعك ربك إن سألته (١)، وهذا على أن استطاع بمعنى أطاع على زيادة السين.
وقال أبو إسحاق في معنى القراءة الثانية: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ هل تستدعي طاعته وإجابته فيما تسأله من هذا (٢)، قال: ويحتمل وجه مسألة الحواريين عيسى المائدة ضربين:
أحدهما: أن يكونوا أرادوا أن يزدادوا تبيينا (٣) كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾ [البقرة: ٢٦٠].
والثاني: أن يكون مسألتهم المائدة قبل علمهم أنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى (٤)، وأما معنى المائدة فقال الزجاج: الأصل عندي أنها فاعلة من ماد يميد إذا تحرك، فكأنها تميد بما عليها (٥)، وقال ابن الأنباري: ويقال: إنما سميت مائدة؛ لأنها غياث وعطاء من قول العرب: ماد فلان فلانًا يميده ميدًا، إذا أحسن إليه وأفضل عليه، وأنشد:
إلى أمير المؤمنين المُمتاد (٦)
أراد الذي يميد الناس أي: يعطيهم ويحسن إليهم (٧)، فالمائدة على هذا القول فاعلة من الميد بمعنى: معطية، وقال أبو عبيدة: المائدة فاعلة
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٢٠.
(٣) في "معاني الزجاج": تثبيتًا.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٢١.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٢٠.
(٦) لرؤبة، انظر: "مجاز القرآن" ١/ ١٥٩، ١٨٢، ١٨٣.
(٧) "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٤٩، "زاد المسير" ٢/ ٤٥٧.