والنسيان جائز عليهم، وعلى هذا دلت الأخبار (١).
فأما ذنب النبي - ﷺ - في هذه القصة فقد قيل: إنه همّ بقطع اليهودي (٢).
وقيل: إنَّه جادل عن طعمة، حتى قال للمدعي: عمدت إلى رجل مسلم ورميته بالسرقة من غير بينة (٣).
وهذا مما يؤمر بالاستغفار عنه.
والذين قالوا: لا تجوز الصغائر عليهم قالوا: إنه أمر بالاستغفار على طريق التسبيح، كما يقول القائل: "اسْتَغْفِرِ اللهِ" مكررًا له مرات كثيرة، على جهة التسبيح من غير أن يقصد بذلك إلى التوبة من ذنبٍ كره (٤).
وقال بعض أهل العلم: استغفار الرسل إما أن يكون للأمة، واما أن يكون لذنب قبل النبوة، وإما أن يكون لزيادة الدرجة (٥). وقد رُوي عن رسول الله أنه قال: " إن الله تعالى ليغفر ذنب الرجل المسلم عشرين مرة" (٦) معناه زيادة الدرجات.
قال أبو إسحاق: عرّف الله تعالى نبيه - ﷺ - قصة طعمة، وأعلمه أنه خائن، ونهاه أن يحتج له، وأمره بالاستغفار مما هم به، وأن حكم بما أنزل
(٢) تقدم هذا القول عن ابن عباس وغيره.
(٣) أخرجه الطبري في الأثر الطويل عن قتادة بن النعمان ٥/ ٢٦٦. وتقدم قريبًا نحوه عن السدي ومقاتل. انظر ص ٤٠١.
(٤) هكذا هذه الكلمة في المخطوط ولعل الصواب: ذكره، فسقطت الذال من الناسخ.
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١١٧ ب.
(٦) لم أقف عليه.